مابريس تيفي
الاثنين 28 ابريل 2025
بينما كانت الجالية المسلمة في إحدى قرى الجنوب الفرنسي تستعد ليوم عادي من أيام العبادة والسكينة، دوّى خبر مأساوي هزّ فرنسا بأسرها: شاب مسلم، أبو بكر (24 عامًا)، يُقتل طعنًا داخل مسجد صغير على يد شخص كان من المفترض أن يكون ضيفًا.
لم يكن أبو بكر مجرد ضحية جديدة في سجل الكراهية المتنامي، بل كان شابًا بسيطًا، متطوعًا متفانيًا لخدمة مجتمعه، يحمل مكانس المسجد بيده وينظف قاعته بخشوع، تمامًا كما كان يؤدي صلاته.
في مشهد حمل كل معاني الغدر، أظهرت كاميرات المسجد لحظات قاتلة: كلمات ترحيب، خطوات وئيدة نحو قاعة الصلاة، ثم طعنات متتالية أطفأت حياة الشاب وسط أجواء من الرعب.
مرتكب الجريمة، أوليفييه هـ.، شاب فرنسي من أصول بوسنية، فرّ عبر الحدود الإيطالية، لكنه لم يصمد طويلًا أمام الحصار الأمني والإدانة الشعبية، فسلم نفسه للسلطات الإيطالية بعد أيام من المطاردة.
وعلى الرغم من أن التحقيقات لا تزال تبحث في دافع الجريمة، بين العنصرية المحتملة أو الاضطرابات النفسية، إلا أن الجرح الذي خلّفه الهجوم أعمق من مجرد تقارير قضائية.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في محاولة لاحتواء الغضب الشعبي، أكد أن فرنسا “لا تتسامح مع الكراهية”، بينما وصف رئيس الوزراء فرانسوا بايرو الجريمة بأنها “وصمة عار معادية للإسلام”.
لكن في الأحياء التي تعرف أبو بكر، لا تكفي التصريحات السياسية لمحو الإحساس بالخذلان والخوف. عشرات الوقفات التضامنية، دموع الأصدقاء والجيران، ولافتات تطالب بحماية دور العبادة، كلها تعبيرات عن مجتمع يشعر أن القتل داخل جدران مكان مقدس جريمة مضاعفة.
أبو بكر، الذي جاء والداه مهاجرين من مالي بحثًا عن مستقبل أفضل، بات رمزًا مؤلمًا للثمن الذي يدفعه الأبرياء حين تتغذى الضغائن على حساب القيم الإنسانية.
ووسط الترقب لمآل التحقيقات، يظل السؤال الأعمق معلقًا:
هل ستبقى حرية العبادة حقًا مصونًا في وجه رياح الكراهية المتصاعدة؟
