• Home  
  • فاجعة فاس…حين يصبح العذر أقبح من الزلة!
- أخبار الساعة - مجتمع

فاجعة فاس…حين يصبح العذر أقبح من الزلة!

مابريس تيفي/ لمياء روداني مرة أخرى، تنهار عمارة آيلة للسقوط في مدينة مغربية، ومرة أخرى يُنتشل الضحايا من تحت الأنقاض، وتُرفع شعارات الحزن، وتُقدَّم التبريرات الباردة. هذه المرة، تبرر وزيرة سياسة المدينة الكارثة بالقول إن البناية كانت مصنفة منذ سنة 2018 ضمن قائمة المباني المهددة بالسقوط، وكأن هذا التصنيف – بحد ذاته – يُعفي الدولة […]

مابريس تيفي/ لمياء روداني

مرة أخرى، تنهار عمارة آيلة للسقوط في مدينة مغربية، ومرة أخرى يُنتشل الضحايا من تحت الأنقاض، وتُرفع شعارات الحزن، وتُقدَّم التبريرات الباردة. هذه المرة، تبرر وزيرة سياسة المدينة الكارثة بالقول إن البناية كانت مصنفة منذ سنة 2018 ضمن قائمة المباني المهددة بالسقوط، وكأن هذا التصنيف – بحد ذاته – يُعفي الدولة من مسؤوليتها في حماية ساكنيها.

لكن السؤال البسيط والمفزع: لماذا تُركت خمس أسر تواجه مصيرها؟ لماذا لم تُتخذ أي إجراءات حازمة للإخلاء، أو توفير بدائل سكنية تحفظ كرامتهم قبل أن يُفجعوا في فلذات أكبادهم؟ أليس من المفترض أن تُترجم التحذيرات إلى تدخلات ملموسة، لا مجرد ملفات مهملة في الرفوف؟

في بلد تُخلى فيه أحياء بأكملها، وتُهدم منازل سليمة بحجة “إعادة الهيكلة”، لماذا لم يتحرك أحد في حالة بناية واحدة فقط؟ هل لأن العقار في تلك المنطقة لا يساوي كثيراً؟ هل أصبح ثمن المتر هو المحدد لقيمة الأرواح؟ حين تُهدم بنايات بالدار البيضاء والرباط رغم صلاحيتها، وتُترك البيوت الآيلة للسقوط في فاس وغيرها كما هي، فإننا لا نتحدث عن خلل، بل عن أولويات مقلوبة، وخضوع مهين للوبيات العقار.

هل يجب أن تقع الكارثة ليتحرك المسؤولون؟ ألم تكن الأرواح التي زهقت تستحق قراراً شجاعاً ومسؤولاً قبل أن تتحول إلى أرقام في نشرة الأخبار؟ في دول تحترم الإنسان، مثل هذه الحوادث تُنهي المسار السياسي للمسؤولين المباشرين، لا تُبرر لهم الإخفاقات المتراكمة.

الحادثة ليست عابرة. هي إنذار صارخ يعري فشل المقاربات الحالية في تدبير ملف السكن العتيق والهش. ويعيد إلى الواجهة أسئلة ثقيلة حول مصير البرامج الحكومية التي أُعلن عنها منذ سنوات، وترحيل السكان من دور الخطر، والميزانيات التي صُرفت لأجل ذلك. أين ذهبت كل هذه الوعود؟ وهل نحن بحاجة إلى ضحايا جدد لنصدق أن هناك كارثة سياسية تسبق كل انهيار مادي؟

الشفافية اليوم تقتضي أكثر من مجرد “بلاغ رسمي”. نريد تحديد المسؤوليات بوضوح، ومحاسبة المقصرين بصراحة، وإعادة ترتيب أولويات السياسة الحضرية على أساس حماية الإنسان قبل الاستثمار.

رحم الله الشهداء.. وجعل هذا الدرس الأخير مدخلاً لإرادة حقيقية لا تُجامل الفساد، ولا تتواطأ مع العبث.

بقلم: نورة البوخاري

 

Leave a comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

تواصل معنا

MAPRESS TV  @2025 جميع الحقوق محفوظة