مابريس تيفي
في صباح هادئ بمدينة إنزكان، كان هناك شيء غير هادئ على الإطلاق يحدث أمام مستشفى الأمراض النفسية والعقلية. شاب في مقتبل العمر، يبدو عليه الانكسار أكثر من المرض، يقف في وضعية لا تشبه الانتظار بقدر ما تُشبه التيه. حوله، فعاليات حقوقية ومرافقون جاءوا من بعيد، لا لطلب معجزة، بل فقط ليُدخلوا مريضاً إلى مكان يُفترض أنه مخصص للمرضى.
الشاب ينحدر من مدينة الوطية بإقليم طانطان، جهة كلميم واد نون. سبق له أن تعالج داخل نفس المستشفى سنة 2021، وتعافى. لكنه كالكثيرين، عاد إلى دوامة الإدمان. الدوامة هذه المرة كانت قاسية، دفعته إلى حافة الخطر، على نفسه وعلى من حوله.
الطبيب المعالج وصف له علاجاً، لكن العلاج وحده لم يكن كافياً. حالته تستدعي الإيواء، الرعاية، العزل المؤقت عن العالم كي لا ينهار أكثر. المستشفى رفض استقباله. لا تفسير رسمي، لا مبرر مقنع، فقط أبواب مغلقة ووجوه صامتة.
نورالدين اشطم، منسق الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، كان شاهداً على المشهد. صوته لا يحمل فقط الموقف الحقوقي، بل الألم أيضاً: “ما نعيشه اليوم مأساة إنسانية، شاب لا يطلب إلا حقه في العلاج، ووالدته تعيش خارج المغرب في ظروف لا تسمح لها حتى بمتابعة حالته”.
المشكل لم يعد فقط في حالة هذا الشاب، بل في واقع أكبر: جهة بأكملها، كلميم واد نون، لا تتوفر على مستشفى واحد للأمراض النفسية. مرضى كثيرون، وأسر كثيرة، تتنقل من مدينة لأخرى، لا بحثاً عن علاج بقدر ما هو بحث عن باب لا يُغلق في وجههم.
في المغرب، الحق في الصحة مذكور في الدستور، لكن الدستور لا يكفي إن لم يكن له سرير شاغر، أو طبيب متفهم، أو مركز قريب. وفي غياب ذلك، يبقى الإنسان حاملاً لألمه، يطوف به من مدينة لأخرى، من باب مغلق إلى آخر.