مابريس تيفي
شهدت الأسواق المغربية، يوم الجمعة، تراجعًا ملحوظًا في مبيعات الحليب ومشتقاته، وذلك على خلفية الجدل الذي أثير مؤخرًا بشأن احتمال انتقال داء السل عبر استهلاك منتجات الحليب غير المعقمة، لا سيما تلك المتداولة في الأسواق التقليدية والتي لا تخضع للمراقبة الصحية.
وفي هذا الإطار، أكد مصدر مسؤول من المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا)، أن جميع أنواع الحليب المنتجة داخل وحدات مرخصة تخضع لمراقبة صارمة، ولا تشكل خطرًا على صحة المستهلكين. وأضاف أن الخطر يكمن في المنتجات التي تُصنع أو تُسوّق خارج النظام الصحي المعتمد من طرف المكتب، مشيرًا إلى أن هذه المنتجات قد تحمل أضرارًا صحية جسيمة.
ودعا المصدر ذاته المستهلكين إلى تجنب شراء منتجات الحليب غير المراقبة، موضحًا أنه يمكن التمييز بين المنتجات السليمة وغير السليمة من خلال المعلومات الموجودة على العبوة، لا سيما رقم الترخيص الصحي الممنوح من “أونسا”.
من جهته، أوضح الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات الصحية، أن داء السل يُعد مرضًا معديًا يصيب الإنسان بشكل أساسي، وتنتقل عدواه غالبًا عبر الهواء من شخص لآخر. إلا أن البكتيريا المسببة للمرض يمكن أن توجد أيضًا لدى بعض الحيوانات، مثل الأبقار والأغنام والماعز، ما يفتح الباب أمام إمكانية انتقال العدوى إلى الإنسان عبر استهلاك الحليب غير المبستر أو مشتقاته.
وأشار حمضي إلى أن تقارير منظمة الصحة العالمية تُرجع حوالي 10 في المئة من حالات السل في بعض الدول إلى انتقال العدوى من الحيوان إلى الإنسان، في حين تبقى 90 في المئة من الحالات نتيجة للعدوى بين البشر. كما حذر من أن الحيوانات المصابة قد لا تظهر عليها أعراض المرض لفترة طويلة، مما يزيد من خطر انتقال العدوى دون علم المستهلكين.
وأضاف أن الحليب غير المعقم قد يكون سببًا في أمراض أخرى، منها التسممات الغذائية، الإسهال، وأمراض الجهاز الهضمي، وقد تصل هذه الأعراض إلى حالات خطيرة خاصة لدى الفئات الهشة، كالأطفال، وكبار السن، والنساء الحوامل، والمصابين بنقص المناعة.
ولتفادي هذه المخاطر، شدد حمضي على أهمية التمييز بين أنواع الحليب من حيث طريقة معالجتها:
- الحليب الخام: غير معالج ولا مبستر، ويُعد الأخطر صحيًا.
- الحليب المبستر: يتم تسخينه بين 60 و70 درجة مئوية للقضاء على معظم الميكروبات.
- الحليب المعقم: يُسخن لأكثر من 100 درجة مئوية ويقضي على جميع الميكروبات.
- حليب UHT: يُسخن بدرجات حرارة عالية جدًا، ويمكن حفظه دون تبريد لمدة تصل إلى 6 أشهر.
واختتم حمضي تصريحاته بالتأكيد على ضرورة التحقق من مصدر الحليب ومشتقاته، داعيًا المستهلكين إلى عدم شراء منتجات من مصادر مجهولة أو غير مراقبة، وتجنب استهلاك مشتقات الألبان المصنوعة من حليب غير معالج، مثل بعض أنواع الأجبان التقليدية. كما طمأن المستهلكين بأن المعالجة الحرارية لا تؤثر سلبًا على القيمة الغذائية للحليب، بل تُسهم في الحفاظ على صحة الإنسان.
ويأتي هذا الجدل في وقت تتعالى فيه الأصوات المطالبة بتكثيف الرقابة على الأسواق، وتعزيز الوعي لدى المواطنين بأهمية استهلاك منتجات مراقبة وآمنة صحيا، حفاظًا على الصحة العامة والوقاية من أمراض يمكن تفاديها بسهولة.