في جلسة الأسئلة الشفوية ليوم الإثنين 26 ماي 2025 بمجلس النواب، وجهت النائبة نعيمة الفتحاوي عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، تعقيبًا مباشرًا إلى وزير الشباب والثقافة والتواصل، حول واقع التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة في المغرب، وذلك على خلفية اقتراب انتهاء مدة اللجنة المؤقتة المكلفة بتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر.
وقالت الفتحاوي إن مشروع إحداث هذه اللجنة وُوجه منذ البداية برفض واسع من قبل المهنيين ومكونات المجتمع المدني، مشيرة إلى أن منظمة “مراسلون بلا حدود” اعتبرت اللجنة المؤقتة “إجراءً آخر ضد حرية الصحافة في المملكة”، واستنكرت ما وصفته بـ”الرغبة الواضحة للسلطات في تعزيز سيطرتها على قطاع الإعلام”.
وأكدت النائبة أن هناك أطرافًا تسعى إلى الالتفاف على المهنة وتعطيل آليات الانتخاب والتجديد، وأن هذه الجهات تتواطأ للإبقاء على الوضع كما هو عليه، بما يخدم مصالحها الضيقة، دون مراعاة للضرر البالغ الذي يلحق بصورة المغرب على المستوى الدولي.
وأضافت أن المجموعة النيابية التي تنتمي إليها كانت قد نبهت منذ البداية إلى أن إحداث اللجنة المؤقتة مكان المجلس الوطني للصحافة هو خرق واضح للفصل 28 من الدستور المغربي، الذي ينص على استقلالية الصحافة وعدم تدخل السلطة التنفيذية في شؤونها. واعتبرت أن هذا الإجراء يمثل نكسة لمسار التنظيم الذاتي للقطاع، وعودة إلى منطق الوصاية الإدارية، بعدما شكّل تأسيس المجلس الوطني للصحافة خطوة ديمقراطية تقوم على الانتخاب والاستقلالية.
وأشارت الفتحاوي إلى أن القانون المؤسس للمجلس الوطني للصحافة، الصادر سنة 2016 في عهد الوزير مصطفى الخلفي، كان بمثابة قفزة مؤسساتية نوعية، ومكّن المغرب من الالتحاق بنادي الدول التي تعتمد التنظيم الذاتي في تدبير الشأن الصحفي، وهو ما لقي ترحيبًا من الجسم الصحفي حينها.
وذكّرت بأن أربعة وزراء سابقين للاتصال عبّروا بدورهم عن رفضهم لمشروع اللجنة المؤقتة، معتبرين أن هذا التوجه من شأنه أن يفاقم من تكميم الأصوات الحرة ويزيد من التضييق على الصحافة، بل وأكدوا أن مثل هذه الخطوة لم تحدث حتى في أحلك لحظات التضييق على حرية الإعلام بالمغرب.
وشددت النائبة على أن الحكومة مطالَبة بتحمل مسؤوليتها الدستورية في إنهاء ما وصفته بـ”الوضعية الشاذة والغريبة”، داعية إلى الاحترام التام للشرعية التمثيلية للمهنيين، والاحتكام إلى المعايير الديمقراطية في تشكيل الهيئات المشرفة على القطاع، بدلًا من فرض واقع مشوه يفتح الباب أمام التراجعات عن المكتسبات الديمقراطية في مجال حرية الصحافة.
كما انتقدت استمرار اللجنة المؤقتة في عملها دون إنجاز الأهداف التي كُلِّفت بها، ودون وجود مؤشرات جدية لتنظيم انتخابات ديمقراطية جديدة أو الشروع في تقييم شفاف للحصيلة السابقة، معتبرة ذلك محاولة للسطو على القطاع باسم “اللجنة المؤقتة”، وضدًا على الاختصاصات الدستورية والقانونية للتنظيم الذاتي للمهنة.
وفي جانب آخر من تعقيبها، اتهمت الفتحاوي الحكومة بتكريس منطق التحكم في صرف الدعم العمومي المخصص للصحافة والنشر، حيث يُوجَّه بحسب قولها إلى مؤسسات إعلامية مقربة من السلطة، بينما تُقصى المقاولات الصغيرة والمتوسطة في الجهات والأقاليم، ما يهدد بإفلاسها وتشريد صحافييها.
وأعربت عن قلقها من التوجه الحكومي نحو إعداد إطار قانوني جديد لتنظيم منصات التواصل الاجتماعي والتطبيقات الرقمية، محذرة من أن يكون ذلك ذريعة جديدة للمساس بحرية التعبير.
وختمت الفتحاوي تعقيبها بدعوة الحكومة إلى فتح حوار جدي ومسؤول مع الهيئات النقابية الممثلة للصحافيين والصحافيات، والعمل على إيجاد حلول عاجلة للمشاكل التي يتخبط فيها القطاع، بما يخدم حرية الصحافة واستقرار المهنة وتطورها.