• Home  
  • ملتمس الرقابة أداة لفضح تشرذم المعارضة ومرآة عاكسة لعدم توحيد الرؤية
- أخبار الساعة - سياسة

ملتمس الرقابة أداة لفضح تشرذم المعارضة ومرآة عاكسة لعدم توحيد الرؤية

مابريس تيفي/ نورة البوخاري في لحظة كان يُنتظر فيها أن تتحدث المعارضة بصوت واحد، ارتدّ صوتها إلى الداخل، واختنق بين جدران الحسابات الحزبية والأنانيات القيادية. لم يكن ملتمس الرقابة سوى مرآة عاكسة لوضع معارضة لا تجمعها رؤية ولا يوحّدها هدف، حتى أمام أحد أقوى الأسلحة التي يمنحها الدستور للبرلمان في مواجهة الحكومة. الرقابة في النصوص… […]

مابريس تيفي/ نورة البوخاري

في لحظة كان يُنتظر فيها أن تتحدث المعارضة بصوت واحد، ارتدّ صوتها إلى الداخل، واختنق بين جدران الحسابات الحزبية والأنانيات القيادية. لم يكن ملتمس الرقابة سوى مرآة عاكسة لوضع معارضة لا تجمعها رؤية ولا يوحّدها هدف، حتى أمام أحد أقوى الأسلحة التي يمنحها الدستور للبرلمان في مواجهة الحكومة.

الرقابة في النصوص… والانفصام في النفوس

يُفترض أن ملتمس الرقابة يُستخدم في الظروف القصوى، حين تستنفد المعارضة أدواتها السياسية الأخرى، ليصبح ورقة ضغط قصوى قد تؤدي – نظريًا – إلى إسقاط الحكومة. غير أن ما حصل داخل مجلس النواب المغربي أعطى ملتمس الرقابة وظيفة جديدة: كاشفًا للفوضى السياسية لا أداة للمحاسبة.

فالمبادرة، بدل أن تجمع الفرق المعارضة على خطاب موحّد، فجّرت خلافات جوهرية حول من له الأسبقية في التلاوة، ومن يقود، ومن يستفيد سياسياً من الظهور الإعلامي… وكأن الهدف لم يكن مساءلة الحكومة بل الاستعراض أمام عدسات الكاميرا.

من التناوب إلى التناحر

العدالة والتنمية تمسّك بدور التنسيق، واعتبر أن عبد الله بووانو هو صوت المعارضة الرسمي. الاتحاد الاشتراكي رفض منطق التناوب، مدعومًا بثقل إدريس لشكر ورغبته في إعادة التموضع بعد سنوات من الغموض السياسي. أما الحركة الشعبية، فدخلت بسلاح “الشرعية المؤسساتية”، مستندة إلى موقع محمد أوزين داخل مكتب المجلس.

النتيجة؟ تحول الاختلاف المشروع إلى صراع سلطة داخل المعارضة نفسها، في مشهد يكاد يوازي ما يقع عادة داخل الأغلبية الحكومية، لا داخل معارضة يُفترض أنها تسعى للتوازن والتكامل.

غياب الرؤية المشتركة

ما كشفه هذا الحدث أن المعارضة في المغرب لا تملك اليوم مشروعًا سياسيًا جامعًا، بل فقط لحظات توتر ظرفية تتقاطع فيها المصالح، قبل أن ينفضّ الجمع على وقع أول خلاف حول الأسبقيات الشكلية.

حتى التقدم والاشتراكية، الذي حاول لعب دور “الوسيط العاقل”، هدد بالانسحاب من المبادرة. وهو موقف يُحسب له من جهة، لكنه يكشف من جهة أخرى ضعف الإطار السياسي الذي يتحرك داخله الجميع.

الدرس السياسي: الرقابة لا تُنجَز بنصّ، بل بتوازن استراتيجي

الخلل لا يكمن فقط في عدم تقديم الملتمس، بل في افتقار المعارضة لآلية اشتغال جماعي واضحة. لا يوجد تنسيق مسبق، لا ميثاق مشترك، ولا حتى خريطة طريق. والأخطر أن النقاش لم يكن حول مضمون الملتمس أو توقيته أو خلفياته السياسية، بل حول من سيتلوه أمام الكاميرا.

فما جدوى المبادرات السياسية إذا كانت مجرد ساحات لتصفية الحسابات الداخلية؟ وما فائدة المعارضة إن لم تُحسن استخدام لحظة إجماع شعبي على مساءلة الحكومة حول أدائها؟

الخلاصة: الملتمس الذي كشف المستور

ملتمس الرقابة، هذه الآلية التي كان من الممكن أن تعيد ترتيب أولويات النقاش السياسي في البلاد، تحول إلى أداة لفضح ضعف المعارضة وتشرذمها. وربما ستتردد مكونات هذه المعارضة كثيرًا قبل الإقدام على أي مبادرة مماثلة في المستقبل، خوفًا من أن تتكرر ذات الصورة: تناحر، تشكيك، انسحاب، وفشل ذريع.

وحدها الحكومة خرجت رابحة من هذه المعركة… دون أن تنبس ببنت شفة.

Leave a comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

تواصل معنا

MAPRESS TV  @2025 جميع الحقوق محفوظة