مابريس تيفي
الخميس 24 أبريل 2025
في لحظة طال انتظارها، ظهرت الشابة سلمى، ضحية اعتداء عنيف تعرضت له بواسطة شفرة حلاقة سنة 2022، على متابعيها عبر موقع “أنستغرام”، بابتسامة مشعة تعكس أولى نتائج الجراحة التجميلية التي خضعت لها مؤخراً بمدينة مراكش.
الصور التي نشرتها سلمى لم تكن مجرد توثيق طبي لنتائج عملية جراحية، بل كانت رسالة رمزية قوية بأن التعافي ممكن، وأن الأذى الجسدي مهما كان قاسياً، لا يمكنه محو قوة الأمل أو كرامة الإنسان.
القضية التي تفجرت قبل ثلاث سنوات، عندما أقدمت تلميذة تُدعى غدير على تشويه وجه سلمى داخل محيط مؤسسة تعليمية، أثارت حينها موجة تعاطف واسعة وغضباً مجتمعياً ضد تصاعد مظاهر العنف بين صفوف القاصرين.
لكن ما جعل الملف يعود للواجهة بقوة، ليس فقط تطور الحالة الصحية للضحية، بل الحكم القضائي الصادر هذا الشهر، الذي أدان المتهمة السابقة من جديد، بسبب محتوى رقمي مسيء نشرته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تضمّن تحريضاً وإشادة بالفعل الإجرامي الذي ارتكبته.
القضاء حكم عليها بـ9 أشهر حبسا نافذا وغرامة مالية بلغت 32.500 درهم، منها 30 ألف كتعويض مدني لسلمى.
ما وراء الصورة.. قضية رأي عام في مفترق طرق
قضية سلمى تجاوزت حدود الحادث الفردي، لتفتح نقاشاً أوسع حول أمرين مترابطين:
- العنف داخل الوسط المدرسي، والذي غالباً ما يُقلل من خطورته أو يُبرر بسلوكيات مراهقة، في حين أن آثاره قد تكون مدمرة على الضحايا.
- العنف الرقمي، الذي بات امتدادًا لما يقع على أرض الواقع، وتزداد خطورته حين يستخدم لتبرير الأذى أو تشويه صورة الضحايا مجددًا بعد تعافيهم.
تقول مصادر قريبة من الملف إن سلمى، ورغم الألم والمعاناة، قررت مواجهة الوضع بنوع من “المقاومة الإيجابية”، من خلال مشاركة تجربتها، وتحويل محنتها إلى وعي عام حول مخاطر العنف المدرسي والانتهاك الرقمي.
بين القانون والمجتمع: معركة الوعي لم تنتهِ بعد
الحكم القضائي الأخير يُعتبر سابقة في التعامل مع الإشادة بالعنف عبر الإنترنت، ما يفتح الباب أمام تطوير مقاربات قانونية تحمي الضحايا بشكل أكثر فاعلية.
لكن المعركة الحقيقية، وفق فاعلين مدنيين، تظل مرتبطة بتغيير العقليات داخل الأسر والمؤسسات التربوية، وتعزيز التربية على قيم الاحترام والعيش المشترك.
وإن كانت جراح سلمى بدأت تلتئم جسدياً، فإن القضية ما تزال تطرح سؤالاً مؤرقاً: كم من “سلمى” أخرى تخبئ وجهها