في السنوات الأخيرة، تحوّلت الشيشة من عادة تقليدية مقتصرة على بعض المجتمعات إلى ظاهرة منتشرة بين فئات واسعة من الشباب، خصوصاً في المقاهي والمجتمعات الحضرية. وبينما يُقبل عليها الكثيرون كوسيلة للترفيه والتسلية، تُخفي وراء دخانها الكثيف مجموعة من الأخطار الصحية والاجتماعية والنفسية التي تُنذر بعواقب وخيمة.
إغراء المظهر… وخطورة الجوهر
يرى كثير من الشباب في تدخين الشيشة وسيلة للهروب من ضغوط الحياة اليومية، أو طريقة للاندماج في محيطهم الاجتماعي. وتُسوّق الشيشة اليوم بنكهات مختلفة، ما يجعلها أكثر جاذبية للمراهقين والشباب، على عكس السجائر التقليدية.
لكن المختصين في الصحة يُحذرون من أن جلسة واحدة لتدخين الشيشة قد تعادل تدخين أكثر من 100 سيجارة من حيث كمية الدخان المستنشَق والمواد السامة الداخلة إلى الجسم، مثل النيكوتين وأول أكسيد الكربون والمعادن الثقيلة.
الإدمان الصامت
رغم الصورة “الناعمة” التي تحيط بالشيشة، إلا أنها تُسبب الإدمان كغيرها من منتجات التبغ. ويؤكد الدكتور (فلان)، اختصاصي الأمراض التنفسية، أن “النيكوتين الموجود في تبغ الشيشة يسبب الاعتماد الجسدي والنفسي، خصوصاً لدى المراهقين الذين تنمو لديهم هذه العادة في سن مبكرة”.
آثار نفسية واجتماعية
لا يقتصر تأثير الشيشة على الجانب الصحي فحسب، بل يمتد إلى السلوك الاجتماعي. فالإفراط في ارتياد المقاهي وقضاء ساعات طويلة في تدخين الشيشة قد يؤدي إلى تراجع التحصيل الدراسي، وانخفاض الإنتاجية، وحتى الانخراط في سلوكيات أخرى غير صحية.
أما من الناحية الاقتصادية، فإن تدخين الشيشة بانتظام يُشكّل عبئاً مادياً على الشباب، لا سيما في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وغلاء الأسعار، إذ قد تتحول إلى عادة تستنزف جزءاً كبيراً من الدخل الشهري.
ضرورة التحرك
أمام هذه المعطيات، يُطالب مهتمون بالشأن الصحي والاجتماعي بضرورة تنظيم حملات توعوية تستهدف فئة الشباب، وتشجع على نمط حياة صحي، وتُبرز حقيقة مخاطر الشيشة. كما يُدعون إلى فرض رقابة أكثر صرامة على المقاهي، ومنع تقديم الشيشة للقاصرين.
فما بين سحب الدخان ونكهات الفواكه، تختبئ حقيقة مرة لا يدركها كثيرون، خصوصاً من الجيل الجديد: الشيشة ليست مجرد وسيلة للتسلية، بل عادة قد تنتهي بمشاكل صحية ونفسية طويلة الأمد.
