مابريس تيفي
أثار تصريح وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، بخصوص تحميل أولياء أمور القاصرين مسؤولية حمل أبنائهم للسلاح الأبيض، نقاشاً محتدماً بين مؤيد يرى في الطرح وسيلة للردع، ورافض يعتبره تحميلًا غير منصفٍ لأسرة قد تكون ضحية مثلها مثل المجتمع.
لكن خلف هذه الضجة، يبرز سؤال أكثر عمقاً: هل تحمّل الدولة، بمؤسساتها التربوية والاجتماعية، مسؤوليتها الكاملة قبل أن تشير بأصابع الاتهام إلى الأسرة وحدها؟
في تصريحاته الأخيرة بمجلس النواب، ربط الوزير وهبي بين العقوبات الزجرية ومبدأ “لا يعقل أن نتجول بالسكاكين في الشوارع”. هذا المنطق يُفهم من زاوية أمنية محضة، لكنه يتغاضى عن البيئة التي تنتج القاصر الحامل للسلاح: بيئة تعيش الهشاشة، وتفتقر غالباً إلى مؤسسات دعم نفسي واجتماعي، وتُحاصر فيها الأسرة بواقع اقتصادي ضاغط، يعجز فيه الآباء عن تربية تفاعلية يومية كما يتطلبها القانون.
إن طرح العقوبة الأسرية المباشرة يفترض نموذجاً مثالياً لعائلة قادرة على المراقبة الدائمة والاحتضان التربوي، وهو ما لا يتوفر إلا في حالات محدودة. أما في الأحياء التي تنتشر فيها الجريمة، فالمعادلة أعقد: إذ لا يكفي أن نحمّل الآباء مسؤولية الفشل التربوي دون مساءلة الدولة عن فشلها في إدماج الشباب، وفي إصلاح المدرسة، وفي دعم الأسرة الهشة.
ثمّة ما يشبه القفز على الحلول السهلة: الزجر بدل الإصلاح، والعقاب بدل الوقاية. في حين أن مقاربة شاملة—تعليمية، نفسية، اجتماعية، أمنية—قد تكون السبيل الأجدى للحد من ظاهرة حمل القاصرين للسلاح الأبيض. لا يكفي أن نقول: “ليُحاسب الأب”، بل لنسأل: “أين كان دور المدرسة، ودور دار الشباب، ودور الدولة؟”
بين الردع الضروري والمسؤولية المشتركة، لا يجب أن تصبح الأسرة كبش فداء لسياسات عمومية فشلت في حماية الناشئة، قبل أن تفكر في معاقبتها.
