مابريس تيفي
السبت 17 ماي 2025
في ليلةٍ مغربيةٍ خالصة، تهادت خطوات نهضة بركان فوق عشب الملعب كأنها تعزف سيمفونية الانتصار. لم تكن مباراة نصف نهائي أو مواجهة عابرة، بل كان المشهد أقرب إلى ملحمة كروية أراد فيها أبناء الشرق أن يكتبوا فصلًا جديدًا من كتاب المجد القاري.
لامين كامارا، اللاعب الذي لا يُجيد إلا لغة الحسم، اختار الدقيقة الثامنة ليُشعل المدرجات بهدف مباغت أربك كل الحسابات التنزانية. جاء الهدف تتويجًا لبداية عاصفة، فيها من الجرأة ما يُربك الخصم، وفيها من الذكاء ما يُرضي العاشقين.
ولأن الشغف لا ينتظر كثيرًا، لم تمضِ سوى دقائق حتى جاء الرد الثاني، وهذه المرة بتوقيع أسامة المليوي، الذي قرأ ضعف التمركز وكتب هدفًا ثانيًا بلغة لا تعرف الترجمة: لغة الشباك.
الشوط الأول انتهى كما بدأ: بطلٌ واحد، ومشهد يزداد وضوحًا، عنوانه “بركان لا يرحم”. أما الشوط الثاني، فكان عرضًا للهيمنة، لمحاولات تعزيز الفارق، لصراع تكتيكي بين الثقة والحذر. وفي الدقيقة 60، تنفس الجمهور حلم الهدف الثالث، قبل أن يخطفه الحكم بعد مراجعة تقنية الفيديو، بداعي التسلل.
لكن، هل تحتاج الجماهير أكثر من هذا؟ فوز بثنائية، شباك نظيفة، ورجال يعرفون طريق الذهب. المدرب معين الشعباني لم يكتفِ بتسيير المباراة، بل رسمها كما يُرسم العمل الفني، بتوازن بين الانضباط والانفجار الهجومي.
نهضة بركان الآن ليست على أعتاب التتويج فحسب، بل تملك مفتاح بابه. أمامها 90 دقيقة في زنجبار، موعدٌ مع التاريخ لا يقبل أنصاف الحلول. هناك، حيث سيتحول هذا الفوز إلى حقيقة، أو إلى حكاية تُروى لاحقًا عن فرصة كانت قريبة جدًا.
لكن إن كانت البدايات تُبشّر بالنهايات، فإن بركان 2025 يبدو جاهزًا ليكتب خاتمةً تُضاف إلى سجل الشرف، حيث لا يصل إلا من صدّق حلمه، ومشى نحوه بخطى واثقة، كما فعل مساء اليوم.
