مابريس تيفي
غادر 20 ألف منخرط حزب العدالة والتنمية، من أصل 40 ألفا، وفق ما كشفه عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب، الذي كانت له الجرأة لإعلان ذلك، دون تقديم الأسباب الحقيقية لتفسير حقيقة ما جرى، إذ اكتفى بالقول إن “هذا الأمر لا يضايقه في شيء”.
وأوضح بنكيران، في لقاء حزبي داخلي، أن هذه الاستقالات الجماعية لا تُقلقه، معتبراً أن “المناضلين الحقيقيين لا يغادرون عند أول هزّة”، في إشارة منه إلى التراجع السياسي الذي عرفه الحزب في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة.
غير أن ملاحظين سياسيين يرون أن هذا النزيف التنظيمي يطرح تساؤلات جوهرية حول وضعية الحزب الداخلية، ومدى قدرته على استيعاب الانتكاسة الانتخابية التي أفقدته موقعه الريادي، وأثّرت بوضوح على ثقة أعضائه في القيادة الحالية. كما يشير البعض إلى أن غياب النقد الذاتي العميق، والاكتفاء بخطاب التبرير، يزيد من تفاقم الأزمة، ويدفع بالمزيد من الأطر والمناضلين نحو خيار الاستقالة أو التجميد.
ويُرجّح أن تكون هذه المغادرة الجماعية مرتبطة بعدم الرضا عن أداء القيادة الحزبية، لا سيما في ظل الاتهامات المتكررة بتهميش الكفاءات الداخلية، والانغلاق على دائرة ضيقة من المقربين من الأمين العام. كما أن تراجع الخطاب الإصلاحي الذي ميّز الحزب في فترات سابقة، وتحوّله التدريجي إلى الدفاع عن تبريرات تآكل الشعبية، ساهم في تعميق فجوة الثقة بين القيادة والقاعدة.
وتأتي هذه الاستقالات في سياق سياسي معقّد، حيث يعاني حزب العدالة والتنمية من أزمة وجودية بعد فقدانه للموقع الحكومي، وتراجع تمثيليته داخل البرلمان، مقابل صعود أحزاب جديدة تستثمر في خطاب تنموي براغماتي لا يُعير اهتماماً كبيراً للمرجعيات الإيديولوجية.
