أعاد منح جواز سفر بلجيكي لعبد القادر بلعيرج، المواطن ذو الجنسية المزدوجة، فتح النقاش داخل الأوساط السياسية والقانونية في بروكسيل، وسط تباين في المواقف بين من يرى في الأمر استحقاقاً قانونياً طبيعياً، ومن يعتبره خللاً يستدعي التوضيح.
بلعيرج، الذي كان قد أدين سنة 2010 من قبل القضاء المغربي بتهم تتعلق بتأسيس وقيادة خلية إرهابية، نال عفواً ملكياً نهاية مارس الماضي، بعد قضائه 14 سنة من أصل حكم مؤبد. الخطوة، التي تندرج ضمن تقاليد العفو الملكي المغربي بمناسبات دينية ووطنية، لم تكن لتأخذ هذا الزخم لولا تفعيل إجراء إداري عادي: إصدار جواز سفر من القنصلية البلجيكية في الرباط.
الجنسية لا تسقط بالتقادم
وزيرة العدل البلجيكية، أنيليس فيرلندن، أوضحت أن منح الجواز جاء بناء على طلب قانوني مطابق للإجراءات المعتمدة، مشيرة إلى أن عبد القادر بلعيرج لا يزال يحمل الجنسية البلجيكية، ما يخول له الاستفادة من خدمات القنصليات كسائر المواطنين.
من الناحية القانونية، لم يُسقط القضاء البلجيكي جنسيته، ولم يُصدر بشأنه حكم نهائي على التراب البلجيكي بخصوص القضايا المثارة ضده في الثمانينات، والتي سقطت بالتقادم سنة 2020. وهذا ما يجعل وضعه القانوني معقداً لكنه لا يخرجه من خانة “المواطنين”.
أمنياً.. الحذر قائم
رغم الوضع القانوني، فإن المؤسسات الأمنية البلجيكية – حسب تصريح الوزيرة – ما زالت تتابع تحركات بلعيرج باهتمام، وتدرس سيناريوهات التعامل في حال قرر العودة إلى بلجيكا. وتفيد مصادر متقاطعة بأن التعامل معه لن يكون تلقائياً، بل سيُبنى على معطيات استخباراتية وقانونية دقيقة.
بين الرباط وبروكسيل: توازن دبلوماسي دقيق
المثير للاهتمام أن الحكومة البلجيكية لم تُعلق على قرار العفو، معتبرة إياه شأناً سيادياً داخلياً للمغرب. وهذا الموقف يعكس حرص بروكسيل على الحفاظ على العلاقات الثنائية مع الرباط، خاصة في سياق التعاون المتنامي بين البلدين في ملفات الهجرة والأمن ومكافحة التطرف.
جدل طبيعي في وضع غير اعتيادي
ما يحدث اليوم ليس بالضرورة “فضيحة” كما وصفها بعض السياسيين في المعارضة، بل تجسيد لتقاطع نادر بين مقتضيات السيادة، وحساسية الأمن، وتعقيد القانون الدولي المرتبط بالجنسية والهوية.
الكرة الآن في ملعب المؤسسات الأمنية والقضائية، بينما يظل الملف مرشحاً لمزيد من النقاشات، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات السياسية الداخلية في بلجيكا.