مابريس تيفي
في مشهد يعكس خطورة التهاون في التعامل مع النفايات الحيوانية، اهتزّت ساكنة المناطق الواقعة بين سيدي حساين (إقليم سيدي إفني) وأولاد جرار (إقليم تيزنيت) على وقع حادث بيئي مقلق، بعدما أقدم أحد الأشخاص على رمي كميات كبيرة من الدجاج النافق داخل بئر مهجور، قبل أن يقوم بردمه بالتراب في محاولة لطمس معالم الجريمة البيئية.
لكن، وكما هي العادة، لم يفلح الغبار في حجب الكارثة، إذ سرعان ما انتشرت روائح كريهة ونمت أسراب من الحشرات، ما أثار مخاوف الساكنة وأعاد طرح سؤال طالما أُجل: أين هي الرقابة البيئية في المناطق القروية؟
الماء مصدر الحياة… والموت؟
الخطورة لا تكمن فقط في منظر الدجاج المتحلل أو الرائحة المنبعثة من المكان، بل في احتمال تسرب سوائل التحلل المحملة بالجراثيم والمواد السامة إلى المياه الجوفية. وهي مياه تشكل المورد الأساسي للشرب ولسقي المزروعات وتربية المواشي في هذه المناطق.
يحذر مختصون من أن مثل هذه التصرفات قد تُفضي إلى تلوث خطير للمياه، مع ما يرافقه من تهديد مباشر لصحة الإنسان، عبر أمراض مثل الكوليرا والتيفوئيد والتسممات المعوية، خاصة في ظل ضعف البنية الصحية في القرى.
قانون منتهك وغياب مقلق للسلطات
من الناحية القانونية، يعتبر هذا الفعل انتهاكًا واضحًا لقانون حماية البيئة والصحة العامة. إذ ينص القانون رقم 11-03 على تجريم كل ما من شأنه تلويث الموارد الطبيعية، ويُعرض الفاعلين لعقوبات تأديبية ومالية.
ورغم ذلك، لم تُسجل أي استجابة رسمية من طرف السلطات المحلية أو الإقليمية حتى الآن، ما زاد من حدة الاحتقان في صفوف الساكنة، التي عبرت عن استنكارها لغياب التواصل والتدخل الفوري.
نداءات عاجلة وتحذيرات مدنية
في ظل صمت الجهات المعنية، أطلقت فعاليات مدنية محلية نداءات عاجلة للسلطات بضرورة التحرك السريع من خلال:
- إجراء تحاليل ميدانية للمياه الجوفية.
- تطهير البئر المغلق بطرق علمية.
- فتح تحقيق لتحديد المسؤوليات.
- تنظيم حملات تحسيسية حول طرق التخلص السليم من النفايات الحيوانية.
قصة منسية أم جرس إنذار؟
قصة الدجاج النافق المدفون في بئر مهجور ليست مجرد حادثة معزولة، بل تعكس هشاشة منظومة المراقبة البيئية في العالم القروي، وغياب آليات استباقية قادرة على منع الكوارث بدل الاكتفاء بردود الفعل بعد فوات الأوان.
في انتظار تدخل رسمي يعيد الثقة للسكان، تبقى صحة المواطنين رهينة قرارات قد تتأخر… أو لا تأتي.