مابريس تيفي
الأحد 25 ماي 2025
لم يكن صباح يوم 25 ماي 2025 يوماً عادياً في جماعة ساحل بوطاهر، حيث تحولت رحلة طفل صغير لا يتجاوز السادسة من عمره إلى المدرسة، إلى رحلة بلا عودة. لم يَعبُر عتبة الفصل، لم يسمع جرس الحصة الأولى، ولم يشارك رفاقه اللعب في ساحة المدرسة. ببساطة، نسيه السائق داخل السيارة المقفلة، ففارق الحياة في صمت قاتل.
الخبر جاء كالصاعقة: طفل يُتوفى اختناقًا داخل سيارة النقل المدرسي. لكن خلف الخبر، قصة مجتمع بأكمله يُسائل نفسه: من المسؤول؟ وهل نحتاج فاجعة في كل مرة لنلتفت إلى هشاشة خدماتنا الأساسية؟
عندما يتحول الإهمال إلى قاتل
التحقيقات الأولية، حسب بلاغ النيابة العامة، تشير إلى أن السائق لم ينتبه إلى وجود الطفل داخل السيارة، وتركها مغلقة بعد إيصال باقي التلاميذ. لا وجود لمرافقة تربوية، ولا تفقد لعدد التلاميذ. وكأن حياة الأطفال تفاصيل ثانوية في منظومة تنقلهم كل يوم.
هي ليست المرة الأولى التي نشهد فيها حادثًا من هذا النوع، لكنها أيضًا ليست حادثة “مفاجئة”. فالتقارير والتوصيات حول واقع النقل المدرسي، خصوصًا في العالم القروي، موجودة منذ سنوات، لكن التنفيذ دائمًا ما يُرحّل، حتى يقع المحظور.
نقل مدرسي.. أم قنبلة موقوتة؟
في كثير من الجماعات القروية، يتم تدبير النقل المدرسي عبر جمعيات محلية، غالبًا ما تشتغل بإمكانيات محدودة، دون تكوين كاف للسائقين، أو رقابة صارمة على سلامة التلاميذ. غياب المعايير، ضعف المراقبة، وعدم تحميل المسؤوليات بوضوح، كلها عوامل تتواطأ في صناعة هذه المآسي.
فهل يكفي فتح تحقيق بعد كل فاجعة؟ وهل يكون “تشريح الجثة” بديلاً عن تشريح منظومة مهترئة؟
طفل رحل.. وأسئلة معلقة
- من يتفقد عدد التلاميذ عند النزول؟
- لماذا لا يُفرض وجود مرافقين داخل كل وسيلة نقل مدرسي؟
- من يراقب مدى احترام الشروط التقنية والصحية لهذه السيارات؟
- ولماذا لا تُربط ميزانيات الجماعات بدفاتر تحملات صارمة لحماية الأطفال؟
الأسئلة كثيرة، والحزن أكبر. لكن المؤكد أن فاجعة تاونات ليست مجرد حادث عرضي، بل جرس إنذار جديد بأن أطفال القرى لا زالوا يدفعون ثمن اختلالات لم يختاروها.