أكد الخبير الإقتصادي العربي الجعايدي في ورقة منشورة تحت عنوان:”إصلاح التعليم في المغرب يواجه معضلة ضعف الحكومة”،من قبل مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، أن المبادرات التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة لإصلاح منظومة التربية والتكوين، في شكل استراتيجيات وخارطة طريق، مثلث تكلفتها “جهودا مالية كبيرة”، تواجه “تحدي الحوكمة”؛ فقد أظهرت أن “العجز في فعالية الإنفاق الوطني على التعليم حقيقي، عندما نقيسه بالفشل الدراسي، والهدر المدرسي وبطالة الخريجين”، فضلا عن وجود “صعوبات على مستوى إدماج الأطفال بالمناطق النائية”.
وكشفت الورقة ، أن النظام التعليمي المغربي تعترضه “تحديات كبيرة تتطلب إصلاحا جذريا يعتمد على زيادة الإنفاق، تحسين الحوكمة، وتعزيز المشاركة المجتمعية”، مؤكدة ضرورة أن “يكون الإصلاح شاملا ويستهدف تحسين جودة التعليم وتقليل الفوارق وضمان استجابة النظام لاحتياجات المجتمع والاقتصاد”.
كما استخلصت الورقة، أن المدارس والجامعات المغربية استقبلت هذه السنة ما يزيد عن تسعة ملايين تلميذ وطالب، مفيدة بأنه “تبذل الدولة كل عام جهودا مالية كبيرة لدعم النظام التعليمي بأكمله”؛ غير أنه “يظل المستوى المتوسط لتلامذتنا من بين الأضعف في المنطقة”، مؤكدا أن “الأمر المتفاقم هو أن نظامنا التعليمي يستهلك الموارد”.
وأرجعت الورقة التحليلية“تأرجح” السياسة التعليمية بالمغرب “- تبعا للظروف والتناوبات السياسية- بين فترات يتم فيها تسليط الضوء على جميع المشاكل التعليمية، (..) وفترات أخرى تعود فيها القرارات المتخذة بشكل سلطوي، كرد فعل على أزمة مالية أو حركة اجتماعية، هذه التقلبات تعيق تنفيذ الإصلاحات”.
وأثبتت الورقة أن “الإنفاق الكبير والإصلاحات المتكررة” في المنظومة التربوية الوطنية لها “عوائد محدودة”، مبرزة أن ميزانية التعليم بالمغرب “تنمو بشكل أسرع من ميزانية الدولة” وأن إنفاق المملكة على هذا القطاع “كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي أكثر من العديد من الدول (..) ولكن بأداء أقل”.
وخلصت الورقة أن “العجز في فعالية الإنفاق الوطني على التعليم حقيقي عندما نقيسه بالفشل الدراسي والهدر المدرسي وبطالة الخريجين”، مبرزا أن “تحسين أداء النظام التعليمي يتطلب بالتأكيد زيادة في الاعتمادات المخصصة له، ولكنه يعتمد أيضا على تحديث عميق لهياكله، أساليبه، وطريقة عمله”.
وبرزت الدراسة أن الميثاق الوطني للتربية والتكوين استند إلى “إجماع وطني”، لافتة إلى أن البلاد كانت تسعى من خلالها إلى تحقيق معايير دولية في جودة التعليم؛ غير أنه “مع ذلك يظل تقييم إنجازات الإصلاح متفاوتا رغم الجهود المبذولة والتقدم المحرز في بعض المجالات”.
واعتبر المصدر داته أن برنامج المخطط الاستعجالي (2009-2011)، “بالجرأة إلى حد ما”؛ لكن مع ذلك “قيدت تحقيق أهداف البرنامج الاستعجالي حدود في فعالية امتصاص الموارد ونقص الدعم المؤسسي لتنفيذ الإصلاح”، وزاد أنه فشل في حل القضايا العابرة للنظام (التعليمي)، وتحفيز المبادرة والتميز في الثانوية والجامعة”.
وبخصوص الرؤية الاستراتيجية للإصلاح، التي تغطي الفترة 2015-2030، أفادت الدراسة التحليلية أنها “واجهت مقاومة قوية لترجمة مبادئها الأساسية في الإنصاف والمساواة إلى واقع ملموس، وتعزيز ديناميكية نوعية لتطوير التعليم”.
وخلصت الدراسة أن تحقيق أهداف خارطة الطريق للإصلاح التي تغطي الفترة ما بين 2022-2026 “يتطلب (..) تقليل معدل الهدر المدرسي بمقدار الثلث، وتحسين جودة المخرجات والتعلم في المدرسة”، مؤكدة أن “هذا التغيير يجب أن يعتمد على مبادئ عمل تضمن إطارا من الثقة والمسؤولية بين فاعلي المدرسة العامة؛ مما يسمح بتحقيق الاستدامة والفعالية وفقا لنهج منهجي وتشاركي”.