مابريس تيفي/أ.ف.ب
الجمعة 23 ماي 2025
في صيف استثنائي خيّم عليه شبح جائحة كورونا، وجدت جامعة هارفرد نفسها في قلب مواجهة قانونية مباشرة مع إدارة الرئيس الأميركي حينها، دونالد ترامب، في واحدة من أبرز القضايا التي تمس جوهر استقلال الجامعات الأميركية وحقوق الطلاب الأجانب.
ففي يوليو 2020، أصدرت إدارة الهجرة والجمارك الأميركية قرارًا مثيرًا للجدل يقضي بحرمان الطلاب الأجانب من الإقامة في الولايات المتحدة إذا كانت مؤسساتهم التعليمية تعتمد نمط التدريس عن بُعد فقط، في إطار إجراءات الوقاية من تفشي كوفيد-19.
ردّ جامعة هارفرد جاء سريعًا وحازمًا. فبالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، رفعت دعوى قضائية أمام محكمة فيدرالية بولاية ماساتشوستس، مؤكدة أن القرار يتجاوز حدود المعقول، ويمثّل تدخلًا مباشرًا في الشؤون الداخلية للجامعات، لا سيما في ما يتعلق بخياراتها البيداغوجية خلال الأزمة الصحية العالمية.
في وثائق الدعوى، وصفت المؤسستان الأكاديميتان القرار بأنه “تهديد صريح” للاستقلال الأكاديمي، و”محاولة سياسية للضغط على الجامعات للامتثال لأجندة حكومية لا تأخذ بعين الاعتبار واقع التعليم في ظل الجائحة”. وأكدت الدعوى أن الخطوة قد تلحق ضررًا بالغًا بآلاف الطلاب الدوليين، وتضع مستقبلهم الأكاديمي والمهني على المحك.
المجتمع الأكاديمي والإعلامي تفاعل بقوة مع القضية، ما زاد من الضغط على الإدارة الأميركية التي سرعان ما تراجعت عن القرار بعد أقل من أسبوع على صدوره، في مشهد اعتبره كثيرون انتصارًا للجامعات، ولحرية التعليم، وللقيم التي قامت عليها المؤسسات التعليمية الأميركية.
غير أن هذه المواجهة لم تكن مجرد نزاع عابر، بل فتحت الباب على مصراعيه لنقاشات أوسع حول حدود السلطة التنفيذية في التأثير على السياسات الجامعية، ومكانة الطلاب الأجانب في النظام الأكاديمي الأميركي، بل ومستقبل العلاقة بين الدولة ومؤسسات التعليم العالي.
في النهاية، أكدت هارفرد وMIT، من خلال هذه المعركة القانونية، أن التعليم ليس مجرد خدمة، بل منظومة قيم ومبادئ، وأن استقلال الجامعة يظل خطًا أحمر لا يُسمح بتجاوزه، حتى في أصعب الظروف.