مابريس تيفي
السبت 26 أبريل 2025
بين أزقة مدريد وقاعات الانتظار في مديريات النقل، تخوض الجالية المغربية بإسبانيا واحدة من أطول معاركها البيروقراطية: معركة الاعتراف بحق استبدال رخص السياقة المغربية بالرخص الإسبانية.
ورغم مرور أكثر من سنة ونصف على بداية الاحتجاجات، لا تزال القضية تراوح مكانها، معلنة إخفاقًا جديدًا في علاقة المهاجر المغربي بالمؤسسات الرسمية، سواء الإسبانية أو المغربية.
قانونيًا، اتفاقية التعاون الموقعة سنة 2004 بين الرباط ومدريد واضحة في مضامينها. غير أن التفاصيل الصغيرة — تلك التي يختبئ فيها الشيطان دائماً — تركت آلاف الحاصلين على رخص سياقة بعد تسوية أوضاعهم القانونية عالقين في منطقة رمادية لا يعترفون فيها كسائقين نظاميين.
تجاهل هذا الوضع دفع المتضررين إلى النزول إلى الشارع، حيث صمدوا في وجه لامبالاة إدارية باردة، نظموا وقفاتهم أمام المديرية العامة للنقل وأمام سفارة بلادهم، رافعين شعارات ليست ضد وطنهم بل ضد ظلم إداري يرون أنه خذلهم مرتين: مرة في الغربة، ومرة في التمثيلية الدبلوماسية.
لم تكن التحركات بلا أثر؛ فقد تمكن بعض النشطاء من دفع الملف إلى مكاتب كبار المسؤولين في وزارة الداخلية الإسبانية. غير أن ضعف التنسيق الداخلي، وانقسامات ظهرت في صفوف المحتجين بين من يؤمن بالتصعيد الجماعي ومن يفضل “الحلول الفردية أو المؤطرة جمعوياً”، مزق وحدة الكتلة النضالية.
مظاهرة ألميريا الأخيرة، يوم 21 أبريل، كشفت عمق الأزمة: تحركٌ نظمته جمعيات لم يحظَ بإجماع المتضررين، واعتبره البعض تراجعًا عن المكاسب الرمزية التي تحققت سابقاً.
ربما تتوزع على الجميع. غير أن المؤكد أن الحل لن يكون فرديًا، ولا متفرقاً. لن ينتزع الحق إلا بحركة موحدة، منظمة، ذات رؤية واضحة تتحدث بلسان واحد.
هذه المعركة، في جوهرها، ليست فقط معركة رخص سياقة.،إنها معركة اعتراف، وكرامة، وحق في أن تكون مواطنًا كامل الحقوق، حتى وأنت بعيد عن وطنك.
إنها درس قاسٍ عن كيف أن الوحدة تصنع الفرق، وأن الانقسام يُطيل عمر الظلم.
هل ستنجح الجالية المغربية بإسبانيا في استعادة زمام المبادرة قبل أن يطويها النسيان؟