مابريس تيفي
في وقت تتصاعد فيه دعوات التهدئة داخل الملاعب، وتتعالى الأصوات المطالبة بإعادة الثقة بين مكونات المنظومة الرياضية، تحتضن مدينة مراكش اليوم الأربعاء آخر حلقات سلسلة المناظرات الجهوية حول التشجيع الرياضي، في محاولة وطنية شاملة لتطويق ظاهرة الشغب، وتحويل الملاعب إلى فضاءات للفرجة النقية والروح الرياضية.
المناظرة، التي تعد السابعة من نوعها بعد محطات فاس، أكادير، طنجة، وجدة، الدار البيضاء، والرباط، لا تأتي فقط كفعالية رمزية، بل كجزء من مشروع تواصلي موسّع بين السلطات المحلية والأمنية، والأندية، ومجموعات المشجعين، بهدف التأسيس لميثاق تشجيعي جديد قوامه التوافق والانضباط.
الافتتاح الرسمي لأشغال هذه المناظرة انطلق بكلمة والي جهة مراكش – آسفي، تلتها مداخلات ممثل وزارة الشباب والرياضة، وممثل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، قبل أن تنطلق الورشات العملية التي وزعت على فترتين صباحية ومسائية، وسط حضور متنوع ضم فاعلين من قطاعات متعددة.
تفكيك ظاهرة معقدة: القانون والمجتمع
الورشة الأولى، التي خُصّصت للمقاربة القانونية والسوسيولوجية للتشجيع الرياضي، كشفت عن حجم التحديات التي تواجه المنظومة القانونية في ضبط التجاوزات، وتطرقت إلى أدوار النيابة العامة، والإطار التشريعي المنظم للمجال الرياضي، إضافة إلى تفكيك البُعد السوسيولوجي لظاهرة الشغب باعتبارها نتاجاً مركباً لظروف اجتماعية ونفسية وثقافية.
من التشخيص إلى التدبير المشترك
في المقابل، سلّطت الورشة الثانية الضوء على المقاربة الأمنية والرياضية التشاركية، بمداخلات تمثّل مختلف الفاعلين، من ولاية الأمن والدرك الملكي، إلى ممثلي الأندية وجمعيات المشجعين والصحفيين، وصولاً إلى شركة سونارجيس المسؤولة عن تدبير الملاعب. النقاش كان حيوياً، ولامس ضرورة الانتقال من منطق التدخل إلى منطق التشارك في صيانة الأمن الرياضي.
هل تثمر المناظرات ميثاقاً وطنياً جديداً؟
المناظرة تُختتم بعرض توصيات الورشات، وهي توصيات يُرتقب أن تُرفع إلى الجهات المعنية لصياغة أرضية وطنية مشتركة، تشكل مرجعية لتدبير العلاقة بين الجمهور والميدان، وتعيد الاعتبار لقيم التشجيع النبيل، في ظل تنامي دعوات تجفيف منابع الشغب ومواجهة أسبابه الجذرية.
ويبقى السؤال الأهم: هل تنجح هذه الدينامية في اختراق جدار التوتر بين الجمهور والمؤسسات؟ وهل نحن أمام بداية تحوّل حقيقي في علاقة المغاربة بكرة القدم، أم أن الأمر لا يعدو كونه جولة أخرى من نوايا حسنة تصطدم بواقع أكثر تعقيداً؟