مابريس تيفي
في خطوة تعبّر عن تصدع داخلي لا يمكن تجاهله، قرر عدد من أعضاء المجلس الجماعي بجماعة بونعمان، المنتمين لحزب التجمع الوطني للأحرار، تجميد عضويتهم الحزبية، احتجاجًا على ما وصفوه بغياب قنوات التواصل الداخلي وتهميشهم داخل الهياكل التنظيمية للحزب.
القرار، وإن بدا محليًا في ظاهره، يعكس أزمة أعمق تتجاوز حدود جماعة بونعمان، لتصل إلى جوهر العلاقة بين القواعد الحزبية والمركز. فهؤلاء المنتخبون، رغم تمثيلهم للمواطنين وتوفرهم على الشرعية الانتخابية، يشعرون ـ حسب مصادر مقربة ـ أنهم خارج دائرة الاهتمام داخل حزبهم، بل ويجدون أنفسهم في مواجهة “صمت تنظيمي” تجاه انشغالاتهم وملفاتهم ذات الطابع التنموي والخدماتي.
ما يلفت الانتباه أكثر، هو حرص المعنيين على التأكيد بأنهم مستمرون في أداء مهامهم داخل المجلس الجماعي، ما يعني أن موقفهم لا يستهدف تعطيل المرفق العام، بل هو رسالة احتجاجية ذات طابع سياسي وتنظيمي، تنم عن خيبة أمل عميقة في آليات الاشتغال داخل الحزب.
هذه الخطوة تطرح سؤالًا محوريًا: هل تحولت الأحزاب إلى آليات انتخابية ظرفية تفتقر إلى عمق تنظيمي حقيقي؟
عندما يشعر المنتخب المحلي، الذي يُفترض أنه حلقة الوصل بين المواطن والحزب، بأنه مهمَّش وغير مسموع، فإن ذلك يدل على أزمة تمثيلية داخلية، قد تنعكس لاحقًا على أداء الحزب برمته، ليس فقط على المستوى المحلي، بل الوطني أيضًا.
بونعمان، في هذه الحالة، ليست سوى نموذج لما يمكن أن يكون واقعًا صامتًا في جماعات ترابية أخرى، حيث يجد المنتخب نفسه ممزقًا بين واجب التمثيل المحلي، وضبابية الانتماء الحزبي، خاصة عندما يغيب الدعم والتواصل والمرافقة.
هل نحن أمام لحظة مراجعة داخلية حقيقية داخل الأحزاب، أم أن مثل هذه الاحتجاجات ستظل تُقرأ كحالات معزولة؟
الزمن وحده كفيل بالإجابة، لكن المؤشرات الحالية تدق ناقوس الخلل التنظيمي الذي لا يمكن ستره بخطاب مركزي مزيّن.