مابريس تيفي
الإثنين 19 أبريل 2025
في قلب منطقة المنزه بدائرة عين العودة، تتسع دائرة الجدل حول قطعة أرض غير محفظة تُعرف باسم “القلعة 4″، تحوّلت من مجرّد عقار إلى محور نزاع قضائي وإداري خطير، تُلقي ظلاله على مسؤولين بارزين في جهة الرباط سلا القنيطرة.
القضية، التي بلغت أروقة النيابة العامة بمحكمة الرباط مطلع ماي الجاري، ليست نزاعًا عقاريًا عادياً. بل تحمل في طياتها اتهامات ثقيلة بالتزوير، واستغلال النفوذ، والنصب، بل وحتى تحدي الأحكام القضائية.
الورثة، وهم أصحاب الحق القانوني في العقار، تقدموا بشكاية مباشرة ضد رئيس جهة الرباط سلا القنيطرة، رشيد العبدي، وشخص آخر، متهمين إياهما بالاستيلاء على العقار عبر توظيف وثائق مزورة تتعلق بعقار مختلف تمامًا من حيث الاسم والموقع والمساحة.
وثيقة واحدة.. تكشف كل شيء
في قلب الشكاية، وثيقة إدارية تحمل شهادة ملكية لعقار لا يمت بصلة لـ”القلعة 4″، لكنها استُعملت كأداة بيع في صفقة أثارت ريبة الورثة، والذين لم يُمنحوا أصلاً شهادة إدارية مماثلة، رغم مطالبهم المتكررة، ورغم صدور حكم قضائي نهائي يأمر الجهات المعنية بتسليمها لهم.
الغريب أن الإدارة رفضت تزويد الورثة بشهادة إدارية بدعوى “غياب المسوغ”، لكنها، في المقابل، أصدرت وثيقة مماثلة لطرف ثالث في مارس 2024، واستُعملت لاحقًا لإبرام عقد بيع لعقار يقع في نفس النفوذ الترابي. تناقض صارخ لا يجد الورثة له تفسيراً سوى شبهة ازدواجية المعايير، وربما تدخلات نافذة.
الحكم القضائي.. في طيّ الإهمال
الورثة حصلوا على حكم استئنافي صادر بتاريخ 18 فبراير 2025 (الملف عدد 56/2025)، يُلزم الإدارة بمنحهم الشهادة المطلوبة لتسوية وضعيتهم العقارية وفقًا لأحكام القانون 03.80. غير أن الحكم ظلّ حبراً على ورق، في تجاهل واضح لمنطوق القضاء، مما يزيد من تأزيم الوضع القانوني.
شبهة التزوير واستغلال النفوذ
الشكاية المقدّمة تتضمن أيضًا إشارات إلى تورط موظفين محليين في تسهيل إصدار الشهادة المتنازع عليها، مما يُدخل الملف في دائرة الجرائم الجنائية المنصوص عليها في الفصل 248 من القانون الجنائي، والمتعلقة باستغلال النفوذ وتزوير محررات رسمية.
ما يجعل هذه القضية خطيرة ليس فقط ما تعرض له الورثة من ضرر، بل ما تكشفه من اختلالات هيكلية في منظومة تدبير العقار غير المحفظ، حيث تغيب الشفافية وتُفتح الأبواب أمام التلاعب واستغلال السلطة.
فهل تتحرك الجهات الرقابية لفتح هذا الملف على مصراعيه؟ وهل سيخضع كبار المسؤولين للمساءلة كما ينص عليه الدستور؟ أم ستُطوى القضية كما طُويت غيرها من الملفات؟