مابريس تيفي
الخميس 15 ماي 2025
في خطوة قضائية تحمل دلالات سياسية بارزة، قضت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بإلغاء ثلاثة أحكام ابتدائية كانت قد جردت أعضاء من المجلس الجماعي لجماعة لغديرة بإقليم الجديدة من عضويتهم، بعد تصويتهم بخلاف التوجيهات الحزبية.
المنتخبون المعنيون، ويتعلق الأمر بكل من “خ.ز”، “م.م”، و”س.ض” – وهي سيدة – كانوا قد صوّتوا لصالح إقالة عضو آخر ينتمي لحزبهم، التجمع الوطني للأحرار، وهو ما اعتبرته المحكمة الإدارية الابتدائية بالدار البيضاء خرقًا للانضباط الحزبي يستوجب إسقاط العضوية.
غير أن محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، وفي قرار نهائي صدر الثلاثاء الماضي، اعتبرت أن هذا التصويت لا يُعد تنكراً للانتماء الحزبي، بل يدخل في إطار الاختصاصات الممنوحة لأعضاء المجالس المنتخبة وفقاً للقانون التنظيمي للجماعات. وأكدت المحكمة على أن ممارسة العضو لصلاحيته في التصويت لا يمكن أن تكون سببًا في تجريده من مقعده، ما لم تكن هناك دلائل قاطعة على وجود خرق جسيم للثوابت الدستورية أو القانون.
أبعاد سياسية وقانونية
الطعن ضد الحكم الابتدائي استهدف رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، إلى جانب عامل إقليم الجديدة ووزير الداخلية، في ما عُدّ مواجهة قضائية ذات أبعاد تنظيمية تتعلق بتأويل حدود الالتزام الحزبي داخل المؤسسات المنتخبة.
ويرى متابعون أن هذا الحكم يمهد لمرحلة جديدة من إعادة النقاش حول العلاقة بين الأحزاب ومنتخبيها، خصوصاً في الجماعات الترابية، حيث تتداخل الحسابات المحلية مع التعليمات المركزية. كما يمكن أن يشكل هذا القرار مرجعية في قضايا مماثلة قد تُعرض مستقبلاً على القضاء الإداري.
حكم قد يُغير قواعد اللعبة
في الوقت الذي تُشدّد فيه بعض الأحزاب على الانضباط والولاء السياسي، يطرح هذا الحكم أسئلة عميقة حول مدى حرية المنتخب المحلي في اتخاذ قراراته بناءً على المصلحة العامة، دون أن يتعرض للعقاب أو التهديد بالإقصاء. ويعتبر عدد من الفاعلين أن تكريس حرية التصويت داخل المجالس المنتخبة ينسجم مع روح الدستور المغربي، الذي يؤطر عمل المنتخبين باعتبارهم ممثلين للأمة لا مجرد منفذين لتوجيهات حزبية.